عيشة بنت الحطاب


صياغة و رواية الحكواتي : بلقاسم بلحاج علي  : جميع الحقوق محفوظة للكاتب
تسجيل صوتي : فريق تراثي التونسي

 

ياسادة ياكرام...مني عليكم السلام ،اول ما نبدا باسم  الله  ونثني بالصلاة على رسول الله، الف صلاة ولا تزيه نحكو  اليوم على حكاية " عيشة  بنت  الحطاب" في قرية بعيدة وفي زمان بعيد ،كان ثمة حطاب فقير، هجال  يعيش في بيت متواضع مع بناته الثلاثة،عيشةهي الصغيرة فيهم ..آ ية في  الحسن والجمال،عندها شعركي الحرير، تبارك الله اسود كي الليل،طويل كي تسيبه يوصل للركبين وزاد عطاها ربي بدين كامل، تبارك الله كي العرصة .
الحطاب يعاونوفيه بناته في لم الحطب من الغابة...عاملهم  بالدور،كل يوم واحدة تمشي معاه  للغابة..هو يقص الحطب  بالفاس وهي تلمه وتحزمه ،ومن بعد يمشي يبيعه في السوق واللي يصوره يشري بيه كل مايحتاجوه...ويادوب  يكفيهم ...نهارالدورعلى عيشة..وهي مع بوها في الغابة لقت شجرة كبيرة ،جذعها واكثراغصانها يابسين تكفيهم لحطب اليوم وممكن حتى غدوة ...نادت بوها ..فرح بيها وجبد الفاس متاعه وبداهابط على هاك الشجرة باقصى قوته ...ولكن الفاس ما فلش فيها...كاسحة برشة...عيشة كي شافت بوها تعب جت باش تعاونه..شدت  الفاس وهزاته الفوق وجت هابطة بيه على الشجرة واذا بيه ينصل من ايدها ويطير في السما ويطيح بعيد في الحشيش...عيشة حست كانه ثم شكون حبسلها ايديهاعلى الحركة، تفجعت وسمت  باسم الله الرحمان  الرحيم ..وفي هاللحظة بالذات سمعوا صوت راجل يدوي في الغابة الكل ويقول : 
" ياعم الحطاب ..آناالأميرشدهان ولد سلطان الجان باش تعطيني بنتك عيشة نتزوجها..شوف تحت الشجرة تلقى كل ما يلزمك باش تجهزها احسن تجهيز والخميس الجاي في نفس ها الوقت ايجيك لدارك اشكون  يهزها"...وبعد حست عيشة كانه اللي كان شادها من ايديها سيبها ،عيشة وبوها قعدوا جامدين في بلايصهم من الخوف ومن هالمفاجاة الغريبة ...الحطاب شاف تحت الشجرة وين  قاله الصوت يشوف في برشة قطع ذهب تلمع موزعة تحت  الشجرة ..طبعا لوحهم هالزوج الغامض اللي ما شافوشي وسمعوا كان صوته..الظاهرمن كمية الذهب انه يحب مرته عروسة تحفة وتليق بيه ...هاك  الحطاب وبنته بعد ما فاقوا من الفجعة واكتشفوا اللي الشي اللي صار حقيقة وماهوشي حلم ،لـمواهاك الذهب الكل وروحوا للدارفرحانين وبدوا يحضروا في ارواحهم للعرس، دهنوا الدار وجددوا الاثاث الكل، ومشت عيشة هي واخواتها اختاروا احسن كساوي، وصياغة من اعلى طراز،وكثرت الحركة والزغاريت في الدار،وعملوا الوليمة من اضخم الولايم، فيها اشهى الماكولات والذ الفواكه والمرطبات والمشروبات وكل من جاء يبارك ويهني كلا وشرب...وجاء الموعد حضرت الحنانة والعروس.. حمام وحنة وحرقوس، ولبسوها الكسوة، وتجلت العروس تسحرفي احسن حلة وفي اجمل هية ...شدها بوها بكل حنان من ايدها وخرج يقود فيها باش يخرجها لراجلها ..هو خرج من الباب ويلقى الموكب يستنى ...مهري ابيض مزين بقماشات من الحرير وجحفة فوق منه، وعليها مرقوم مطرزباحلى الالوان والخيل فيه منا ومنا والخدم والحشم ..موكب ملوك وسلاطين،ركبت  العروس في الجحفة وودعت بوها واخواتها...ومشى الركب وهي توميلهم بمحرمتها لين اتقواعالعين ...مشت عيشة والجحفة تتمايل بيها وهي كانها في حلم والا مخدرة بلا وعي ...مافاقت كان كي برك المهري ..كملت  الرحلة ..هبطت عيشة تلقى قدامها باب حديد فيه دفتين تحلوا قدامها ودخلت ...تلفتت للموكب وراها ما لقت حد، تبخروا ..تلقى روحها وحدها في غابة ساحرة بجمال الطبيعة اللي فيها والاشجارالمثمرة من كل نوع..زيتون، رمان،عنب، نخل، توت ...قدمت بشي من الرهبة والخوف في مسلك تشابكت فيه اغصان لشجار ...وكانت الطيور من كل الانواع وخاصة الجوارح ، تحلق في السما والضفادع تنقنق وغربان تنعق ..وساعة ساعة يقص عليها الطريق  ثعبان ينفخ ...يزيد في رعبها لن تلقى روحها قدام قصر  مبني بالحجر لحمر، بيبانه وشبابيكه من البلارالملون احمر واخضرواصفروازرق في اشكال مختلفة انصاف دائرة و مثلثات ومستطيلات وعلى شكل نجوم كبيرة تسهب العقل. دخلت من الباب الكبيرفي وسط القصرواذا القصرالكل مبسط بفروشات من الحريروالذهب مبزع في كل بلاصة في القصر سبايك سبايك والسقف مرصع باللآلي والجواهر.. تدلي منه ثريات من الفضة مزينة بالاحجار الكريمة ..ملا قصروملا هو ..بيوت تحل على بعضها كل بيت اثاثهااضخم من لخرى بيت المونة معبية بالخيرات السبعة ..في بهو القصر نافورة تهرهربالماء الصافي ..عيشة وهي تكتشف في معالم القصر حست بحركة وراها تلفتت تلقي مرا وصيفة ..الراس عريان والشعر مسبل ازرق والرجلين حافية وعينيها تبرق، لباسها غريب وحليها من النحاس يتدحرج علي صدرها، من وذنيها،من راسها،في خشمها حلقة كبيرة ...بكل صمت تحنت قدامها بكل احترام ..وبنظرات معبرة وحركات معينة فهمتها اللي هي في خدمتها شخصيا وعلى ذمتها ،وعرفت بعد اللي القصر الكل يخدمو فيه سبعة خدام اناث و ذكور بيض و سود و كيفهم كيف وصيفتها بكلهم بككش ساكتين ماتتفاهم معاهم كان بالحركات و العيون ..اما الزوج الغريب ماكانت تعرف منه كان الصوت المليان حرارة و شوق و حنان و تعبير صادق منه عن حبه ليها و باوامر صارمة و تجنبا للغضب متاعه مانعها باش تحاول باي طريقة كانت باش تشوفه،وكان خبرها اللي هو الوحيد اللي يقرر وقتاش ووين يوريلها روحه ..وهاالامرماعادش بعيد حسب وعده ليها، اما الباهي على الأقل سمحلها باش تشوف اهلها امتي ماتحب ،بمجرد ما تجي الفكرة في راسها ماتفيق كان واحد من الخدم يقودها من ايدها للباب الحديد الخارجي للقصر تلقي هاك المهري اللي جابها بجحفته تطلع للجحفة،، يقوم و تمشي في غيبوبة لن يبرك... تهبط تلقي روحها قدام دار بوها ...اخواتها بقدر ما يفرحوا بيها وبسبايك الذهب اللي تجيبهلهم يقلقوا فيها بسؤالاتهم المتكررة على حياتها و خاصة على زوجها الغريب و كيفاش صابرة هالوقت الكل... توا تسع شهوروماشافتلاش خليقة ..لا تدري عليه معوج و الاعايب والا اعوروالا وجهه كي مخاليق ربي والا مقلوب لين و صلوا اقنعوها باش ما تقعدشي تستني فيه لين يقرر وقتاش يوريها وجهه ..دوب ما رجعت عرضها زوجها الغريب بصوته وقاللها : "عيشة يابنت الحطاب زعمة تخوني العهد اللي بينك وبيني؟"...هي جت باش تجاوبه وتنكرتقول لا، وفي لمح البصر تحس بروحها كانها في عجاجة ...داخت وفقدت الوعي، فاقت تلقي روحها في صحراء جرداء تسطع فيها الشمس ،عريانة كيما ولدتها امها، ماكاسيها كان شعرها الطويل الرائع... بقات تبكي وتندب حظها على اللعنة اللي حلت بيها كي خانت عهد راجلها، قامت تلقاش وين تتقي والا تسترروحها،لكن لا شجرة ولا حجرة ..كان التراب .. بدت تمشي تمشي ..تمشي لين تلقي واد و بحذاه دبش متاع راجل، لبستهم،لقتهم تقول معمولين على قياسها ..تغسلت و شربت وواصلت المشي وهي قريب تموت من التعب  و الجوع لين وصلت مدينة مجهولة ، اول ما شافوها الحراس على ابواب المدينة شدوها وهزوها للسلطان ..ترعش متحشمة ،وبكل ادب وهي عاملة روحها راجل  وتطلب علي ربي يسترها ولايكشفها ،سلمت علي السلطان باحسن سلام و قاتله والله برئ يامولاي ولا نعرف اشنوة الجرم اللي شدني عليه حراسك اناغريب على هالبلاد وماطالب شي كان خديمة نرتزق منها وابيته نسكنهاونعيش في امان تحت رعايتكم يامولانا...السلطان اعجب بمنطق الشاب وكلامه اللي يدل علي رجاحة عقل و فصاحة لسان و قاله : حراسي ينفذو في الاوامر... معذورين، انا مازلت كي شديت حكم هالبلاد و قررت باش نختار من بين الغرباء اللي يدخلوا البلاد وزير يعاوني على ادارة شؤون البلاد وهاكة علاش كي دخلت انت للبلاد  شافوك الحراس و جابوك لي ..وانت محظوظ نجحت في هاالاختبار وانا قررت باش نوظفك وزيرلي ..حظك من السما هذي وظيفة ماكنتش تحلم بيها ..هاك ضمنت مورد رزق وسكن والعيش في امان ..مبروك ..و كل يوم يعديه في القصر، يزداد السلطان اعجاب بهاك الشاب و حكمته وحسن تصريفه لامورالحكم ونصائحه، لحد ان السلطانة بدت تغير منه و تكرهه على خاطر هاك الغريب كيف ماتناديله ،فكلها بلاصتها كمستشارة للسلطان ماعادش يشاور فيها ..و حطاته في راسها و قالت الا ما ندبرله مكيدة ونحطه في الحبس بأي طريقة ...نهار الوزير دخل جناح السلطانة وسلم بكل ادب ولياقة وقاللها : ناديتلي ياسلطانة تفضلي آش تحبي؟..جاوبته وهي متكية : لا ...كان الخير ..حبيت  نتحدث  معاك شوي، تفاجأ بكلامها وقاللها يظهرلي موش وقت مناسب ، السلطان في انتظاري باش  نقراله بعض الوثائق الهامة.. وبابتسامة خبيثة قاتلة يعطيك الصحة كي فكرتني ...هذي  فرصة باش نعطيك مكتوب توصله للسلطان نسيت ماعطيتهولاش بكري ..استناني شوي ندخل لبيتي نجيبهولك  وفي رجوعها تفاجأ الوزير بيها في لباس النوم، وتتلوح  عليه وتصيح اجرولي..الوزير باش يعتدي على شرفي، قريب  ينجن من هول  المفاجأة .....شدها من اكتافها باش  يبعدها عليه وما يخليهاش تلصقه ..ولكن  للاسف كي شدها من اكتافها بقوة طاحت روبتها من على اكتافها وتعرى  صدرها ...وتقوى الصراع بيناتهم والوزير ينهج من قوة  الدفع والسلطانه عمال يتكشف جسمها ويتعرى وهي شادة فيه وعاملة روحها تبعد فيه ،السلطان يسمع في عياط مرته وصياحها وهي تطلب في النجدة ...جرى...يشوف في هاك  المشهد  المخجل، زوجته قريب عريانة والوزيرشادد فيها، بكل  غضب صاح في الحراس، تلموا على الوزير وخلصوا  السلطانة من بين ايديه...وخذوه ورموه في الحبس لين يشوف  فيه  السلطان صرفة...عيشة بعد العز تلقى روحها في الحبس  برطوبته وريحته  المعفنة ،ماكلتها  خبز يابس منفخ في الماء...ورجعت  تقنقن وتلوم في  روحها اللي  خذات  براي  اخواتها وخانت العهد  مع  راجلها ...وهاهي  تو  ملوحة في  الحبس بعد ما كانت  تعيش  مع  راجلها سلطانة  زمانها ...وآش باش  يجرى فيها لوكان يتكشف سرها عند السلطان ...تعدت هالمدة الكل في قصر السلطان وربي  سابل  عليها ستره وهي عايشة في  رعب دايم  لا نهار يتكشف  عليها حد ويعرف  حقيقتها ...الزوجة اللي  مشتاقة في  كل لحظة لزوجها رغم غرابته...عايشة في سعادة مع  صوته  الحنين ...آش يهمها فيه اذا كان اعور والا معوج والا عايب ... الله  يهديهم اخواتها هوما اللي قعدوا يزنو على راسها لين  فكرت في  الخيانة وهكة صابتها  لعنة  الخيانة ..كانت  هالافكار الكل  تدور  في  راس عيشة وهي  لاوية راسها  على  خناعها كي  الغزال المجروح لين  تسمع في  صوت الحبيب زوجها  الغريب يناديلها  : ""عيشة يا بنت  الحطاب ،في غيابك ذقت العذاب ،ياحبيبة     قلبي،ياسلطانةروحي يامرتي الغالية آنا مسامحك ونستنى فيك في قصري...ونبشرك راك بعيونك الناعسة الجميلة باش تعود تشوفني ديما ...عيشة حست بدوخة وشبه غيبوبة وكانها طايرة في الهواء لن تلقى روحها على المهري العجيب،وفي  لحظة  تلقى روحها قدام القصر،هبطت بسرعة ودخلت تلقاه  قدامها:لاعايب،لا شايب،لا معوج،لا اعور،لامريض بالداء الخايب الراجل اللي  كان  في  انتظارها ومادلها  ايديه شاب كامل  جذاب زينه ما حكى  عليه حتى كتاب ...تقدملها بابتسامة حلتلها ابواب  الجنة وخذاها في حضنه وحملها  على  ايديه وهي  في  سعادة تامة بالامنية اللي  تحققتلها برؤية زوجها الغريب ...وحطها في  فراشها الحريري وشد  ايديها بين  ايديه واعتذرلها وقاللها سامحني  ياروحي عاقبتك عقاب خايب وتعبتك ...لكن  ما تنسيش ياعيشة راني  كنت ديما  معاك نحمي  فيك ...الكسوة  اللي لقيتها  حذا  الواد آني  اللي  حطيتهولك ...اعجاب السلطان بيك وبحكمتك آنا اللي  سببتلك فيهم ...اطماني  يا عزيزتي ...هالماضي افسخيه  من  مخك ...وايامك وعمرك الجاي معايا بكله  سعادة وهناء ..وخرافتنا  هابة هابة ...كل  عام  تجينا  صابة ....ياسادة  يامستمعين ...مني  عليكم  السلام وملقانا غدوة في  حكاية  جديدة .