إن أصول جزيرة جربة التي تمتد في أقصى الجنوب الشرقي لمدينة قابس تعود إلى العهود القديمة فقد نشأت خلال الحقبة الرومانية مالا يقل عن ستة مراكز حضرية وهي ميننكس قرب القنطرة و طوار أو فوار قبالة ميننكسو تبيازا غير بعيد عن الجرف و هاريبوس ( قلالة ) و جربة و حومة السوق بينما لا يزال موقع أوشيوم غامضا ، و من المعلوم أنّ أولى الحفريات في الجزيرة انطلقت خلال الحرب العالمية الثانية في برج القنطرة أي في جربة ذات الأصول اللوبية ـ البونية رغم أنّ معنى اسمها مبهم ، و من ثمار حفريات برج القنطرة الكشف عن بقايا متنوعة لحمامين قديمين و ربما مسرح صغير و معلم مهدى إلى أحد الأباطرة الرومان .
و بمكافحة الشواهد الأثرية المذكورة ببعض الاشارات في المصادر التاريخية القديمة نستشف أهميّة ميننكس ـ المدينة التي أضحت ـ خلال القرون الثلاثة الأولى للميلاد على الأقل ـ عاصمة ميننكس ـ الجزيرة بفضل ما شهدته من حركية عمرانية خاصة في عهد الأسرة الأنطونينية بين سنتيْ 96م و 192م وعلى صعيد آخر لعل ما يبدو أكثر طرافة في آثار برج القنطرة يتمثل في الاحتمال القوي لوجود مسرح صغير في الجزيرة وهو ما يبدو استثناء قمنا بالتوقّف عنده في سائر بلاد الأعراض و الجفارة بمعنى آخر يصعب جدّا تصوّر خلو المنطقة من بعض منشئات الفرجة و الترفيه رغم سكوت علم الآثار .
فالمسرح يشكل عنصر إثراء للمدينة اللاتينية و حجر الزاوية في شبكة معالمها الاجتماعية و الثقافية ... قد يرتبط الأمر إلى حد ما بقلة الحفريات في قابس و جبة و زيتا أو بتفاوت الامكانيات المادية و الاقتصادية بين شرق بلاد طرابلس و غربها أو كذلك بعدم قدرة مدن الأعراض و الجفارة على تحمل نفقات تشييد المسارح و حلبات الألعاب بين المصارعين و الوحوش الضارية .