أسطورة بُوسعدية
" بُوسعدية ". ذلك الراقص الزنجيّ على موسيقى السطمبالي اختطف تُجار الرقيق في تونس ابنته سعدية فقرّر أن يتنكّر ويجوب شوارع البلاد بحثا عنها .. وقام بصنع ثياب من جلود الماعز والخرفان المُرصّعة بالأصداف ثم صنع قناعا مُلوّنا ليُخفي وجهه ووضع فوق رأسه شيئًا مُميّزًا ثم خرج باحثا عن ابنته ..
حدثنا الشيخ حمادي المنصوري وقال : " خْرج البوسعدية مِتنكِّرْ وفي بِنتَهْ المخطوفةْ يْفكِّرْ ، هامْ في الصحرَا ، مِنْ قِبلة وْ مِنْ ظَهْرَة .. حتى اسْمِعْ صوت طْبابل ..وْ شافْ بَرْشَا جْلاولْ .. حَبْ يُقرُب ياسامع وْفي لقيان بِنتهْ طامع .. دارو بيه الصغيْراتْ وِخْرَجْ لاعب النّار بلسانات لْهيبْها يرسم في الهْوا .. لخطر وْراهْ وْهو لا خاف لاجْرى .. اللّي شافَهْ بْهِتْ وْمِ الدَّهْشَة سْكتْ .. لْسانات النّار تنقُصْ وِتْزيدْ وْهو يِتحكّم بالفم وْ باللِّيدْ ..
بوسعديّة مَازالْ بالأملْ مَدْفُوعْ .. وْ في وذنيه صوتْ بنته سعديّة مَسْمُوعْ .. وْ مَازالْ بِالصغيْراتْ مَتْبُوعْ .. مَازالْ كل حَضْبَة يُقصدها ، صْغارها يُشغلها .. في بْلادْ من صَبْحَتْها إلْليلْها إتلَمِّتْ اعبادْها وْ فرسانها وْخيلها .. صوتْ صْهيلها صَدّاعْ .. وْ طَبّالْها بَدَّاعْ .. خيل سْروجْها امْزَيْنة وسط السّاحَة .. بْراكبينها تِجري دَوّاحَة .. مَركوبْ لِلْمْداوْري وصْغارا .. يِتْفنِنُو في رْكوبْ الفرَسْ بِمْهَارَة .. واحد يِنْزِلْ وْلاخَرْ يَطلَعْ فوق ظْهَرْها.. فرَسْ فارْحَة ابْمَظْهَرْهَا.. وْمازالتْ العينْ فينا اتْشُوفْ ، وِالقلْبْ حْنينْ وْمَلْهُوفْ حتى اتمكّن مِنّه التْعبْ وْ ماعرفش فين ايشِبْ ."
لذلك كان مُنطلق الشخصيّة مأساويّا حزينا حيث اِفتقد والد سعدية ابنته و عجز عن تخليصها من تُجّار الأطفال في سوق العبيد ( سوق النْخاسة بتونس العاصمة ) و نظرًا لتلك الفكرة الجهنّميّة التي اِبتدعها و ذاك المظهر المتخفّي الذي ظهر عليه اِستطاع جلب اهتمام الأطفال بالعزف تارة و الرقص تارة أُخرى حتى يتمكّن من جلب الأطفال حوله علّه يعثر بينهم عن اِبنته سعديّة لذلك تمّ اِقتباس الشخصيّة المُتنكّرة لتُؤثّث جانب من العروض الفنيّة الراقصة باعتبارها عنصرا من الفولكلوروالموروث التقليدي .