يعبّر العهد البوني عن حضارة البونيين وهي امتداد لحضارة الفينيقيين فترة ماقبل ال 480 ق م هي فترة قديمة حوت الصراعات بين القرطاجنيين و اليونانيين وقد انتهت هذه الصراعات بمعاهدة بين روما و قرطاج إلى مطلع سنة 323ق م كانت فترة كلاسيكية شهدت هيمنة قرطاج على المدن اليونانية و خصوصا غرب صقليّة ثم نجد الفترة الهلنستية مابين سنة 323ق م و 146قم شهدت تقارب بين روما و قرطاج من خلال اتفاقية " فيلينوس " وفي تلك الفترة نشبت حرب " أكاثوكل " على شمال افريقيا كما شهدت اندلاع الحرب البونية بينهما كما أكّد ذلك حسنين فنطر في كتابه " اله البحر لدى الفينيقيين و البونيقيين " .. و صولا إلى االعهد البوني الجديد وهو في النصف الثاني من القرن 2 ق م فرغم أنّ الرومان دمّروا مقر السيادة القرطاجنيّة في سنة 146ق م فإنّ الحضارة البونية بقيت على ذات الإشعاع في مناطق عديدة من البلاد التونسية .
و لقد اتفقت العديد من المراجع أن ّ البلاد التونسية كانت دائما منتجة للخزف ، وخاصّة في الفترة البونيّة ، حيث كان يستعمل أساسا لتغطية الحاجات العاديّة ، هذا وقد تعدّدت في القرنين الثاني وخاصّة الثالث الورشات لتلبية الطلبات من قناديل وأطباق مستديرة ومستطيلة وبلاطات و أوان ، و لقد أشار " بيكار " قائلا : " هكذا أرجعت إفريقيا إلى روما بقدر ما استوفت فكانت قادرة على استغلال ما اقترضته في عقليّة لا تدين للاغريق ولا للشرق بشيء " ، فمن خلال هذا النبش في خصوصيات الحضارة البونية نكتشف أهميّة هذه الحقبة في نحت مسار التقدّم الذي شهدته الحضارة الروومانية فيما بعد .
ولا بد أن نعترف أنّ النقوش التي يعثر عليها من مخلّفات العهود القديمة تحمل دلائل تفسّر اعتماد هذا الفن لتأريخ مختلف أنشطتهم على الصخور التي لا تمحيها عوامل التعرية فنلاحظ في ذات المصدر " .. أنّ النقيشة اللوبية المكتشفة في قصر كوتين تواجدت في الأصل في أحد المقابر اللوبية الرومانية .. و في وجود نصب تذكاري بوني دليل ضمني على استمرار السكان المحليين في دفن موتاهم في نفس المدافن و ذات الطقوس المحليّة خلال العهد الروماني و علاوة على النُّصب اللوبي تعددت في المنطقة بقايا قطع خزفية جنائزية في شمال غرب ضريح قصر كوتين ، يظهر أنّ دذورها بونية صِرفة إضافة إلى العثور على ثلاثة نصوص جنائزية لوبية في هنشير الأوديّات جنوبي كوتين ،
وقد ذكر في كتاب " الرومنة " للدكتور محمد اللافي ص 167 ـ 168 " .. وفي مرتفعات مطماطة اكتشفت نصوص لوبية عديدة منها نصان جنائزيّان عُثر عليهما بجوار جبل " ترهندورت " إلى الجنوب الغربي من مدينة قابس و نص ثالث وجد غير بعيد عن زاوية سيدي قناوْ ، و لسنا نجادل في الجذور الونية لماسنابويا و إيامرور و إينيبراوي الذين عاشوا بين القرنين 1 و 2 م ممّا يوحي أكثر بتمسّك سكان جبال مطماطة في العهد الروماني بأصولهم اللوبية و اعتزازهم بها في حياتهم و بعد مماتهم على الرغم من وجود آثار عديدة مرتبطة بالحضور الوماني بالمنطقة .