أهميّة الأمثال الشعبية


الأمثال الشعبية لون طريف جميل من ألوان الأدب الشعبي ، له مميّزاته الكثيرة المحبّبة للمجتمع التونسي و للنفوس البشرية ، ومن واجبنا اتجاه هذا اللون الجميل أن لا نغيّر من معالمه شيئا .. لأنّ الأمثال الشعبية أثر باق كأيّ أثر من آثارنا الخالدة التي نعتز بها كقصر اللجم و رباط المنستير و قرية بيلاريجيا .. و قبل التعمّق في دراسة هذا الموضوع الذي هو من وسائل تعبير الإنسان عن مشاعره و أحاسيسه ، تجدر بنا الاشارة إلى أنّ اللغة الشعبية العامة  ما نسميّها اليوم بالغة الدراجة هي العربية الخالية من الاعراب و غير المقيّدة بالأصول النحوية و الصرفية ، وهي أقرب من كل لهجة إلى العربية الفصحى مع ادخال زوائد اصطلاحية...  فالنقصان مثل : البيت بمعنى الدار وهو أعم ، فصار البيت بمعنى الغرفة وهو أخص ، أو استعمال بعض ألفاظ أجنبية دخيلة كاللاتينية و الفارسية و التركية  و الأندلسية .. كفلوس ، طربوش ، دنقزلي ( البحري ) و بلانكو بمعنى أبيض ، لقد أجازت المجامع المعاصرة و اللغويون استعمال بعض الألفاظ الأعجمية عند الضرورة على طريق التعريب ، لكن اضمحلال المسافات الحضارية و الاستعمار جعل لغة ..و بالعودة إلى دراسة موضوعنا الأصلي ، ربّما يتساءل القارئ ماذا نعني بالأمثال الشعبية :, هي أمثال و أقوال و محلات شواهد و كلمات .. وهي عبارة عن حِكم جمعت في تعابير بالإيجاز و البلاغة  و الذوق و حسن الصوغ ، يسهل على الانسان و سرعان ما تتعلّق بالذهن بمجرّد سماعها لما لها من دلالة على حقائق الحياة الثابتة التي تتغيّر ، منها ماهو عربي فصيح  و منها ماهو بالدارجة و أغلبها بغدادي و أندلسي و اج ايّام الأغالبة .
و تدخل الأمثال الشعبية في جميع مظاهر الحياة ، و فيها من أنواع التعبير ما يخص التعامل اليومي بين الناس ، و منها ما يخص التربية و الأخلاق التي تواضع عليها المجتمع ، و أخرى تخص الدين أو المجامع ، انها خلاصة حضارة المجتمع الإنساني ، أي أنها تكادد تكون حقائق انسانية شاملة حسب نظرية السيد محمد المرزوقي ، وفيما يلي نماذج من الأمثال الاجتماعية 
ـ يرحم من ولد و من ربّى 
ــ يرزق عبده من عبده وهو الكل من عنده
ــ الولد مولود و الراجل موجود و الخو مفقود
معنى المثل الأخير : موت الابن و الزوج  أهون من موت الأخ لأن التي يموت ابنها تلد غيره و التي يموت زوجها تجد غيره أما موت الأخ فهو خسارة لا تعوّض .
جل الطبقات بالمجتمع التونسي تتخاطب بلغة الأمثال الشعبية المستوحاة من محيط التعبير الفيّاض ما لا يظهر في النص المكتوب و التي منها تبرز الفلسفة الروحية الحقيقية يختلف معنى المثل باختلاف المتكلّم و المخاطب و الظروف التي يقال فيها ، و أنواع الحذف و التقدير و الأمر و النهي و التهكّم و المداعبة و غير ذلك ممّا يفهم من الكلام المسموع و لايفهم من النص المكتوب ، وقد يحرّف المثل و يفهم على غير وجهه الأصلي و يستعمل في غير موضعه فيبعد الفرق بين اللفظ و المعنى و تختلف مواضيع الاستعمال و يصير ذلك من الأخطاء المشوهة التي لا تقبل التصويب .

ــ مقتطفات من كتاب : " الأمثال الشعبية في تونس " كتبه قاسم الحاج عيسى