النخلة بين الرمز والاسطورة


بقلم : محمد الامجد الشائبي


لقد حملت النخلة على مر العصور رموزا في كل الحضارات القديمة تقريبا و احتفى بها البابليون الذين هم اول من قدسوها معددين خصالها في قصائد غزل حفظها التاريخ ، كما ان معابد الفراعنة لم تخلو من نقوشات لها و الفنيقيون بدورهم اتخذوها رمزا لهم, بيد اننا بحاجة لتتبع سير هذه السفيرة ان صح التعبير من الخليج الى المحيط لاعادة قراءة تاريخنا من جديد. فهي الاثر الذي لايخطئ علما ان ثمارها تفوق من ناحية التغذية جميع ماهو موجود على وجه البسيطة كلحم الخروف و السمك و الحليب و غيرها و لقد وردت كثيرا في الشعر الشعبي و منه الأبيات التّالية: 

التمر علق التاج....على التاج زاد تاجه
القمح على التمر لواج......جاي من صروات باجه

و عودة الى (عشتار) و هي الاصل المشترك لكل التسميات تقريبا التي ظهرت لهذه الانثى في جميع ارجاء وطننا العربي اسما مثل( عطار، عشتارت، عشتارته، عشيرة، عشيرات، عشتارات ".هذه ال(عشتار) وفدت لارض الرافدين بالعراق من منطقة الجزيرة العربية عبر الاراضي السورية هل هي مصادفة ان معظم الهة الحب و الجمال و الخصب في التاريخ الحضاري يشتركن جميعا في سمات رئيسية تؤكد وحدة الاصل.

المصريون (عناة) الكنعانية، (افروديت) اليونانية او(اللات) عند العرب التي كانت تلقب(بالسيدة) و ترد في المخطوطات(النبطية) العربية باسم الام العذراء نقلها المؤرخ (هيردوت) الى اليونانية تحت اسم (اورانيا) مرادفا لاسم (افروديت). انتهى كل هذا المجد(عشتار) ليصب في مجد السيدة العذراء مريم أم المسيح عليه السلام. الم تكن النخلة رمزا غير معلن للعذراء ؟  كل الكتب السماوية اختزلت رموزا  لشجرة النخيل  كالسلام و الجمال و الاعتدال و النصر.
في التوراة كان يعرف قدماء العبرانيين النخل و يعجبون باعتدال جذوعه وجمال شكله و انتفاع بني الانسان به. فكان بعضهم ينتحل اسم النخلة لابنته فيسميها (تامار) كناية عن الجمال و اعتدال القوام. . (بعل تامار) حتما على شكل نخلة تعبده بعض القبائل سابقا في فلسطين، الفنيقيون القدماء كانوا يعبدون عشتاروت على شكل نخلة تسمى في التوراة " اشميرا" اي السارية. و يتخذ من السعف سابقا علامة الظفر بجعله امام المنتصرين في مواكبهم و يروون ان انصار المسيح عليه السلام فرشوا له سعف النخيل في طريقه عندما دخل اورشليم اول مرة....كان الاشوريون يقدسون اربع شعرات دينية: احداها النخلة و الثلاثة الباقية هي المحراث و الثور و الشجرة المقدسة, و قد عثر على هذه الشعارات منقوشة على تاج و ضع اعلى محراب يعود الى عصر" امر حدون" (650 _669) ق.م.


اسم النّخلة في الحضارات القديمة

أطلقوا على النخلة شجرة الحياة. و اما الاسم البابلي لها فهو" جشمارو" ماخوذ من الكلمة السومارية " جشمار" و التمر في السومرية" زولوما" ومنه الكلمة البابلية" سولمبو" و النخل بالارامية " دقلة" و في العبري" تامار" و في الحبشي" تمرة" و العبرين يسمنها "تمارا" و قدماء المصريين " بتر" و باليونانية " فونيكس" ماخوذة عن " فنيقيا" نسبة الى الفنيقيين الذين نقلوا غراسة النخيل في حوض بحر الابيض المتوسط و الاسم" داكتليس" و" دات" هي مشتقات من الكلمة "دقل" العبرية الاصل و التي تعني الاصابع و لم يذكر النخل في الالياذة و انما ذكر في الاوديسا اما التسمية الهندية " خرما" فمقتبسة من الفارسية.